الري الدقيق يُعد واحدًا من أكثر الحلول ابتكارًا واستدامة في عالم الزراعة الحديثة. فمع تفاقم شحّ المياه وزيادة الطلب العالمي على الغذاء، أصبح إيجاد طرق فعّالة لإدارة الموارد المائية ضرورة ملحّة لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي.

وقد أسهم البحث العلمي خلال السنوات الماضية في تطوير مجموعة من أنظمة الري الحديثة التي رفعت كفاءة استخدام المياه إلى مستويات غير مسبوقة، مثل:
الري الذكي، الري بالفقاعات، والري الآلي.

وفي هذا المقال سنتناول بالتفصيل أحد أبرز هذه الأنظمة وهو الري الدقيق، على أن نتناول في المقالات القادمة شرحًا شاملًا لباقي أنظمة الري الحديثة وأهميتها في دعم الزراعة المستدامة.

يُعد الري الدقيق أحد أنظمة الري الحديثة التي تهدف إلى تزويد النباتات بالكمية المناسبة من المياه في الوقت المناسب. يعتمد هذا النظام على شبكة من الأنابيب الموزّعة إما فوق سطح التربة أو أسفلها، وتتضمن هذه الشبكة منافذ صغيرة تقوم بإيصال المياه بشكل مباشر إلى منطقة الجذور حيث تحتاجها النباتات فعليًا.

ويمتاز الري الدقيق بأنه ملائم لمختلف أنواع التربة، كما يساعد على تقليل فقدان المياه الناتج عن التبخر أو التسرب، مما يؤدي إلى رفع كفاءة استخدام المياه وتقليل الهدر بشكل كبير.

 1 - نظام الري بالتنقيط .

2 - نظام الري بالرش الدقيق .

 يتم ضخ المياه عبر أنابيب مخصّصة للري بالتنقيط تحتوي على ثقوب صغيرة تسمح بمرور الماء على شكل قطرات متتالية. وتُوزَّع هذه الأنابيب بين الأشجار والنباتات، إمّا فوق سطح التربة أو أسفلها، لضمان وصول المياه مباشرة إلى منطقة الجذور بكفاءة عالية.

• الري بالتنقيط السطحي:
وهو الأكثر شيوعًا، ويعتمد على شبكة من الأنابيب الموزعة فوق سطح التربة، تحتوي على ثقوب مصممة لتقطير المياه مباشرة على التربة، بحيث تتسلل نحو منطقة جذور النباتات.

• الري بالتنقيط تحت السطحي:
وهو الأسلوب الأكثر تطورًا، وبالتالي الأعلى تكلفة والأقل انتشارًا. يعتمد هذا النظام على أنابيب بلاستيكية ضيقة تُدفن داخل التربة، وقد تكون هذه الأنابيب مسامية بالكامل أو مزوّدة بثقوب متباعدة بشكل منتظم لضمان إيصال الماء مباشرة إلى الجذور دون فقدان يذكر.

يتم نشر الماء عبر الهواء على شكل مطر اصطناعي بواسطة رشاشات صغيرة، تتصل هذه الرشاشات بالأنابيب مباشرة أو عن طريق أوتاد بارتفاع يتراوح بين 25 و30 سم متصلة بأنابيب الإمداد المائي.

ويتم تقسيم شبكات الري بالرش إلى عدة مجموعات:

· حسب طريقة الرش (رذاذ، ضباب) 

·  حسب طريقة العمل (ثابتة، نصف متحركة، متحركة) 

· حسب مدي الرش (بعيدة المدي، قصيرة المدي) 

• توفير المياه وتقليل الهدر:
  يمكن توفير ما يصل إلى 50% من المياه مقارنة بالنظم القديمة للري، كما يقلل هذا النظام من تبخر الماء ويسهم في تقليل استهلاك الطاقة.

• ضمان توحيد التوزيع:
  يضمن الري الدقيق وصول نفس كمية المياه والأسمدة لجميع النباتات، مما يؤدي إلى توفير إضافي في استهلاك الماء والأسمدة.

• الحد من نمو الحشائش والآفات:
  بفضل جفاف سطح التربة، يقل نمو الحشائش بشكل كبير، كما يحد النظام من انتشار الأمراض والآفات.

• الحفاظ على رطوبة التربة:
  يحافظ الري الدقيق على رطوبة التربة بشكل مستمر بالقرب من منطقة الجذور، مما يساعد على إبقاء تركيز الأملاح عند مستوى منخفض.

• التحكم في مواعيد الري:
  يتيح النظام إمكانية تشغيل الري في أي وقت من اليوم، مع تجهيز المياه بشكل متكرر حسب احتياجات النبات وكمية الماء المطلوبة.

• تحسين الإنتاجية والجودة:
  يساهم الري الدقيق في تحسين جودة التربة والمحاصيل، وزيادة العائدات الزراعية.