إن الري الحديث هو أحد السبل المهمة لمواجهة الندرة والنقص الشديد في المياه التي يواجهها كوكب الأرض، وذلك بسبب قلة المصادر الطبيعية للمياه، وزيادة الكثافة السكانية، واتباع الطرق التقليدية للري التي تؤدي إلى إهدار كميات كبيرة من المياه، إضافة إلى تأثيرها السلبي على جودة الأراضي الزراعية.

ويهدف الري الحديث إلى الاعتماد على النظم الذكية والفعّالة لإدارة المياه في الزراعة، لتحقيق أعلى استفادة من كل قطرة ماء، والحفاظ على الطاقة، وتحسين جودة المحاصيل، والاتجاه نحو نظام زراعي أكثر استدامة للبيئة.

يجب علينا أولًا تعريف ما هو الري عمومًا.
فالري هو تزويد النباتات والتربة بالماء دون انقطاع للحفاظ على رطوبتها في جميع الأوقات.

أما الري الحديث فهو استخدام الموارد المائية وموارد الطاقة بشكل حكيم وبكفاءة وفعالية أعلى من أنظمة الري التقليدية. ويعتمد نظام الري الحديث على مبادئ هندسة الري الحديثة لتوزيع الماء بدقة أكبر على المحاصيل والنباتات.

 يمكننا استخدام مياه الصرف الصحي التي تخضع للمعالجة الثانوية فقط في عملية الري بدلًا من استخدام المياه العذبة التي تعاني من الندرة، وذلك للحد من استنزاف المياه الجوفية ومياه الأنهار بهدف توفير مياه الشرب. كما يساهم هذا الأسلوب في تقليل استخدام الأسمدة الزراعية، ويعمل على خفض خطر انتقال الأمراض بفضل معالجة مياه الصرف قبل استخدامها.

 يوجد أكثر من نظام للري الحديث، وهذه هي الأكثر شيوعًا:

· الري بالرش:
وهو عبارة عن رش الماء في الهواء عبر فتحة رشاش على شكل قطرات تنتشر فوق المساحات المزروعة، ثم تسقط على النبات والتربة مثل رذاذ المطر. ومن مميزاته أنه لا يحتاج إلى أيدٍ عاملة كثيرة، كما يمكّن المزارع من إضافة السماد والمبيدات إلى مياه الري.

· الري بالتنقيط:
هو ضخ المياه عبر أنابيب مخصصة لريّ التنقيط تحتوي على ثقوب يمر من خلالها الماء على شكل نقاط. وتوزع الأنابيب أسفل الأشجار والنباتات، ويعد هذا النظام مناسبًا بشكل خاص للتربة الرملية والصحراوية.

· الري بالفقاعات:
يعتمد على حقن الهواء داخل أنابيب المياه، مما يزيد من نسبة الأكسجين التي تصل إلى النبات، ويساعد التربة على التخلص من البكتيريا الضارة وتحسين جودتها.

· الري الآلي:
يعتمد هذا النوع من الري على استخدام آلات الري الحديثة مثل الري المحوري والخطي للحقول.

تساهم عملية التحول من نظم الري التقليدية إلى نظم الري الحديثة في توفير المياه بنسبة قد تصل إلى 50%، وزيادة إنتاج المحاصيل بنسبة تصل إلى 30%. كما يعمل هذا التحول على تحسين جودة المحاصيل، ورفع كفاءة التربة، وتقليل كمية الأسمدة المستخدمة في الزراعة، بالإضافة إلى خفض استهلاك الطاقة المستخدمة في الري، والحد من نمو الحشائش.